قد يرى البعض أن التسويق في المجال الخيري أسهل منه في المجال التجاري. ويُبنى هذا الرأي على أن العمل الخيري بطبيعته لا يستجدي المال طمعًا في الربح، بل لأسباب دينية وإنسانية بحته. لكن الخيار للمتبرع، فقد يتبرع أو يمتنع، وقد يزيد المقدار أو ينقصه، وقد يختار جهة دون أخرى. لا يقتصر دور التسويق في التأثير على خيارات المتبرع، بل يسعى إلى تطوير وسائل مبتكرة لتنمية الإيرادات. تحديات التسويق في المجال الخيري تساوي تحدياته في القطاعات الأخرى إن لم تكن أصعب.
للتعرف على عمل أي منشأة، يجب معرفة المنتج النهائي أو الخدمة المقدمة في رأيي أن هذه أهم خطوة لفهم العمل. منتج الجهة الخيرية مختلف، فهي من ناحية تقدم منتج معنوي يتمثل بمشاعر رضا المتبرع عند قيامه بالتبرع المادي، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بعد كسب ثقة المتبرع. ومن ناحية أخرى، تقدم منتجًا ماديًا للمستفيد، فصار لا بد من استحداث طرق مبتكرة لاستمالة ذوي العلاقة والتفاعل معهم لتحقيق الفائدة. سأسرد هنا عناصر مهمة وبعض التطبيقات عليها، والتي أرى وجوب تضمينها في إستراتيجية الجهة الخيرية:
الاتصال الفعّال من أبرز الإستراتيجيات في عمل الجهات الخيرية، فله دور في رسم الصورة الذهنية عن الجهة الخيرية وترسيخ ما تقوم به. كل ما سأسرده لاحقًا يعتمد على الاتصال الفعّال لخلق التأثير والإقدام. لا يقتصر تواصل الجهة الخيرية بالمتبرعين بل يمتد ليشمل العاملين فيها والمستفيدين منها. الاتصال الفعّال يساعد في بناء العلاقات وتدفق الأفكار وعكس صورة إيجابية عن الجهة. والنجاح في هذا كله، من شأنه أن ينعكس إيجابيًا على نمو التبرعات ومن تطبيقاته:
لغة الأرقام لها سحر خاص في ترجمة الأعمال وسرد النتائج بصورة مبسطة وسريعة. كثير من الناس يجد في الأرقام دلائل على الأثر، مما يزيد من ثقتهم في الجهة الخيرية. ويمكن تضمينها في تقارير الأداء أو في الإعلان والحث على تحقيق هدف ما، كعدد مستفيدين أو مبلغ معين وغيرها.
مشاركة قصص النجاح تحفّز المتبرع. كثير منّا يستمتع بالقصص، فكيف بقصص واقعية؟ قد يصعب على المتبرع أن يرى أثر تبرعاته مباشرة. لذا سرد قصص النجاح، هو خير دليل يقيس به المتبرع أثر ما سيتبرع به. هذه القصص تُشعر المتبرع بأنه شريك في هذا النجاح وتحث الغير ليصبح جزءًا منه.
نجحت مبادرة “دع الباقي لهم” في تفعيل لغة الأرقام وشاركت بقصة نجاحها مؤخرًا. بدأت المبادرة في عام 2009م وكان الهدف هو إعطاء العميل خيار التبرع بما تبقّى من الهللات عند عملية الشراء في أسواق التجزئة “بندة”. جمعت المبادرة ما يزيد عن 60 مليون ريال سعودي، وقرر القائمون على المبادرة بناء وقف استثماري في مكة المكرمة عن جميع العملاء المشاركين، ويكون ريعه لصالح جمعية الأطفال المعوقين.
التخصص بفئة محددة مثل جمعية إنسان ensanorg@ أو مجال معين مثل إطعام saudifoodbank@ يجعل لدور الجمعية قبول لدى المهتم. فالمتبرع يحرص أن تصل تبرعاته لمستحقيها، وإعطائه الفرصة في اختيار الفئة المستفيدة يزيد من رغبته في التبرع. وكلما تخصصت الجهة الخيرية، كلما كانت أكثر قدرة على لفت الانتباه. تخصص الجهة الخيرية له وقع أكبر من جهة تجمع المال وتخوض في مجالات متفرقة.
إحدى تطبيقات التخصص هي حملات التوعية. عندما تنجح في لفت انتباه المتلقي، يجب التواصل معه لبناء الثقة. خير مثال على ذلك، حملات التوعية التي تقوم بها جمعية زهرة zahra_ksa@. تحرص الجمعية بحكم تخصصها على نشر الوعي وتقديم الدعم للمصابات والمتعافيات من سرطان الثدي. ومن خلال تلك الحملات يستطيع المتبرع أن يلمس بعدًا احترافيًا وعملًا موثقًا تجاه الجمعية.
الحوكمة هي الدعامة الرئيسية في عمل أي جهة وفي الجهات الخيرية بالذات. يشدد ديننا الحنيف على التحري والتأكد من صرف التبرعات لمستحقيها. والناس يزداد وعيهم وحرصهم على أوجه صرف تبرعاتهم. لذا وجب على الجهات الخيرية أن تراعي ذلك بديهيًا، وأن تُضَمّن في رسائلها ما يطمئن المتبرعين بأن تبرعاتهم لن تذهب سدى لأن الجهة الخيرية لديها قواعد ومبادئ تضمن نزاهة عملها.
الشفافية هي من التطبيقات التي تُثبت أن الجهة الخيرية تحكمها أنظمة وقوانين. يجب على الجهة الخيرية توثيق الجهود والحصول على الشهادات اللازمة لتزكية أعمالها. شرح آليات استقبال التبرعات، ونسب توزيعها، ونشر الأوراق المالية، كلها تُبعد الشبهات وتدل على حسن التدبير. كذلك الرد على الأسئلة الواردة، والتسجيل لدى الجهات الرسمية يزيد الموثوقية ويحفّز على التبرع.
تنوع الإيرادات وتنميتها من ضروريات العمل الخيري. قرار التبرع والدفع قد يستغرق وقتًا ليقتنع المتبرع ويُقدم عليه. ضعف جاهزية الجهة في تسهيل التبرع قد يؤجل ذلك الدعم أو يلغيه تمامًا. وكما أن على الجهة الخيرية البحث دائمًا عن وسائل تبرع جديدة وسريعة، فإن عليها أيضًا أن توفر دعمًا مستدامًا لأعمالها.
الرعايات والشراكات من الوسائل التي تستخدمها الجهات الخيرية لجلب إيرادات إضافية مقابل الترويج للجهات الراعية. يمكن تنظيم عدة مناسبات في السنة، واستقطاب جهات لديها أهداف مجتمعية مشتركة. كما أن الشراكات مع جهات حكومية أو تجارية من شأنها أن تخلق فرص مستدامة.
الأوقاف من أقدم الوسائل المستدامة في توفير الإيرادات. ولتحقيق الفائدة يجب الاعتماد على ذوي الاختصاص في إدارة الوقف حسب نوعه فإن كان عقارًا فلا بد أن يقوم على متابعته مختص في مجال العقارات لضمان الاستفادة التامة من ذلك الوقف.
التنبيهات: متابعة الأداء في العمل الخيري | رسائل تسويقية
التنبيهات: مبادئ التسويق للمتاجر الإلكترونية في المنظمات غير الربحية - مزن
التنبيهات: مبادئ التسويق للمتاجر الإلكترونية في المنظمات غير الربحية – منصة مزُن