أخطاء في الاستقطاب

تحرص المنشآت على استقطاب اللامعين في مجالاتهم وذوي الخبرات أملًا في أن ينعكس تميزهم على المنشأة. ويلعب فريق التوظيف هنا دورًا هامًا من البحث عن مرشحين وحتى مباشرتهم العمل. المؤسف، أن تلك العملية لا تؤخذ أحيانًا بجدية كافية، فينتج عنها أخطاء تكبّد المنشأة خسائر مباشرة وغير مباشرة، كما أنها تُسيء لسمعة المنشأة فلا تعود المكان المنشود للمرشحين المتميزين.

عشت مؤخرًا تفاصيل قصة انتقال صديقي من وظيفة إلى أخرى. حيث كانت الإجراءات والمتطلبات في وظيفة (الجهة أ) مملة ومعقدة إضافة إلى أنها تجاوزت الستة أشهر. وهذا برأيي وقت طويل جدًا لتوظيف من يملك أقل من خمسة سنوات خبرة. بعد مدة من الأخذ والرد والمقابلات وتقديم الشهادات ومطابقتها والفحص الطبي أطبق المسؤولون الصمت، ولم يتواصلوا مع المرشح لفترة.

بعد عدة أشهر، عاد القائمون على عملية التوظيف لتقديم العرض الوظيفي. وكان عرضًا غير قابل للتفاوض لا من حيث الدرجة الوظيفية ولا الراتب، وبيّنوا له أنه أقصى ما يمكن تقديمه نظير مؤهلاته وخبراته. قَبِل صديقي وعاد المسؤولون للصمت من جديد. خلال تلك الأشهر، أصبح صديقي يتلقى اتصالات من جهات أخرى ترغب في استقطابه. إحدى تلك الجهات (الجهة ب) تواصلت معه وأجرى عدة مقابلات في فترة قصيرة

عادت (الجهة أ) ودعته لتوقيع العقد وباشر العمل بعد انتظار دام ستة أشهر. وبعد مباشرته بأسبوعين، تلقى عرضًا وظيفيًا يفوق ما قُدم له بكثير، فترك العمل وخاب ظن إدارته. حاولوا أن يثنوه عن قراره بالحديث معه ولم ينجحوا. الغريب أنهم قدموا له عرضًا جديدًا يفوق ما قدموه في البداية من حيث الراتب والدرجة الوظيفية، حتى أنهم وعدوه بترقية أخرى بعد مدة بسيطة لم يقبل صديقي وانتقل إلى (الجهة ب).

كل تلك المحاولات كانت لتدارك أخطاء الاستقطاب من البداية. ويبدو لي هنا ثلاثة أخطاء رئيسية:

التأخير: لا تعتقد أن من عقد العزم على ترك عمله سينتظرك دهرًا لترد عليه. الفرص تُقتنص، وإذا أحس المرشح بالتأخير، سيأخذ العروض الأخرى بعين الاعتبار

البخس: وكما في الآية الكريمة من سورة الأعراف (وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أشْياءهُمْ) ، فإذا كان المرشح يستحق درجة معينة وراتب محدد، لا تقسم الأرزاق وتحاول الإنقاص من حقه لأنه صغير في السن أو لأن فارق الراتب الجديد أعلى .حتى لو كنت تنوي زيادته في المستقبل، لا تدّع علم الغيب، فقد لا تسمح الظروف بالتغيير في المستقبل.

الكذب: الادعاء كذبًا بأن العرض الوظيفي هو أقصى ما يمكن تقديمه للمرشح ولا يمكن تقديم عرض أفضل هو غباء مركب يجعل مدعيه آثم أمام الله أولًا. الكذب ليس من مهارات التفاوض وبه سيخسر المفاوض ثقة زملائه إضافةً إلى المرشح لاحقًا، كما أنه يسيء للمنشأة بأكملها، ويفقد المرشح الثقة في أنظمتها

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s